دنيا المؤمن والكافر

الإمام المصلح والعبد الصالح آية الله المعظم المجاهد المظلوم المولى الميرزا حسن الحائري الإحقاقي قدس سره الشريف

أن نفس المؤمن سجينة في قلعة الإيمان، ومقيدة بأغلال التكاليف الشرعية وقيود العبودية، على خلاف الكافر الذي يعيش حياة الإنفلات والحرية.


يلتزم المؤمن عدة مرات يومياً بالإعراض عن كل شيء في أوقات الصلوات اليومية، والتوجه إلى محراب العبودية للمثول بين يدي الرحمن. كذلك يقضي شهراً كاملاً من السنة (شهر رمضان) في العطش والجوع نهاراً والدعاء والابتهال ليلاً..

إنه يؤدي الخمس والزكاة، ويقوم بالحج والجهاد..

ويلتزم بالواجبات الأخرى وبسائر المستحبات، بل إن جميع ساعات المؤمن ودقائقه، وأقواله وأفعاله خاضعة لمنهج دقيق تنظمه الشريعة الإلهية.

إن أعضاءه وجوراحه الخاضعة لإرادته يجب أن تنقاد لأوامر الله تعالى، فلكل من العين والأذن واللسان واليد والرجل واجبات، فعين المؤمن لا يحق لها أن تمتد إلى الأجنبية أو تنظر إلى ما هو حق للآخرين، اللسان ممنوع عن الغيبة، ومحجوز عن السب والقذف، ومحظور عليه الكذب والبهتان..

الأذن يجب أن ترتدع عن سماع الأكاذيب والألحان المثيرة للشهوة.

حتى الضحك العالي والقهقهة من الأمور التي يحاسب عليها المؤمن!!

وأخيراً فقلبه يجب أن يقترن بالنية الطاهرة ولا يخطر بباله إلا الفكر النيّر الخيّر.

قال تعالى: (ولا تقفُ ما ليس لكَ به ِعلم، إنّ السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاٌ).

والأهم من ذلك أن المؤمن عندما يعترض طريقه في أداء العبادات اليومية أو الليلية مانع، فكأنه على أحر من الجمر ليزيل ذلك المانع، ويجد ّ بكل قواه للتخلّص من هذا العائق حتى لو كان ربحاً مادياً عظيماً ليتفرغ للعبادة.

ولو زلت قدمه فقام بعمل غير مباح في الشريعة فإنه يكاد ينفجر همّاً وغماً تحت وطأة الضمير والوجدان الحي، ويعضّ على أنامله نادماً على ما صدر منه..

على خلاف الكافر الذي يجد نفسه طليقاً إزاء هذه القيود والحدود!!

لهذا صحّ قول رسول الله صلى الله عليه وآله: (الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر).

المصدر: الرسالة الإنسانية للإمام المصلح والعبد الصالح آية الله المعظم المجاهد المظلوم المولى الميرزا حسن الحائري الإحقاقي قدس سره الشريف