قصص بعض الأفاضل والعلماء العظماء كمراجع الدين العظام

قصص بعض الأفاضل والعلماء العظماء كمراجع الدين العظام

بسم الله الرحمن الرحيم 
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم 

كثيرًا ما نسمع ونقرأ عن قصص بعض الأفاضل والعلماء العظماء كمراجع الدين العظام، فحرياً بنا أن نستفيد ونتمعن في قصصهم لكي نأخذ ونصل إلى الغاية من هذه القصص. لذا نطرح بين يديك أخي الكريم قصة لأحد العلماء الكرام ألا وهو الإمام المصلح المقدس الميرزا حسن الحائري الإحقاقي قدس سره الشريف لكي نستفيد من الهدف السامي لهذه القصة. 

يوثق المقدس المعظم المولى ميرزا عبدالرسول الحائري الإحقاقيقدس سره الشريف في كتابه قرنان من الإجتهاد والمرجعية القصة الرائعة التي حدثت في أسكو في حياة والده المقدس الميرزا حسن ويقول:

وهناك قصة أخرى حدثت أثناء بناء حمام (أسكو) لا أزال أتذكرها، وكلما فكرت بها تجسّمت أمامي عظمة واستغناء وترفع وعفة هذا الرجل الجليل وعدم اعتنائه بالأجانب، وفي الواقع أجد كل اللذة الروحيّة في هذا الاستعلاء والتعفف، والقصة هي ما يلي:

ذكرت للقراء الأعزاء وجود عدد من المخالفين لعملية الإصلاح وقد استطاعوا أن يؤثروا يضايقون الوالد الماجد في بناء هذا الحمام، وقد استطاعوا أن يؤثروا على بعض البسطاء فجعلوا الكثير من الناس يمتنعون عن تقديم التبرعات والمساعدات لبناء هذا الحمام، وبالإضافة إلى ما كان هناك من فقر يعمّ المنطقة، وضيق ذات اليد، حتى وصل الحال إلى درجة الصفر تقريباً وتوقف البناء لأنه كان يحتاج إلى مبالغ كثيرة لإتمامه.

ومن ناحية أخرى كان فصل الشتاء يقترب ويجب أن تنتهي أعمال البناء قبل نزول الثلوج والأمطار واشتداد البرد، وإلاّ سيذهب ما تمّ إنجازه هدراً، وفي الحقيقة كان الجميع يفكر في البحث عن الوسائل التي تمكن من إتمام عمل الخير هذا بأسرع وقت ممكن.

كانت الحكومة الأميركية في ذلك الزمان قد أنشأت مؤسسة في (إيران) بهدف الدعاية تدعى (أصل ترومن الرابع) تقوم ببناء الحمامات والمدارس والمستشفيات والمرافق الصحية وسائر الأمور العمرانية ذات البعد العام في المناطق المحرومة في إيران.

وفي أحد الأيام كنت جالساً عند والدي الماجد وفجأة، حضر بعض أعضاء تلك المؤسسة وكانوا من حاملي الجنسية الإيرانية، مع بعض وجهاء (أسكو) وبعد إلقائهم التحية قالوا: 

إننا نأسف لتوقف عملية بناء الحمام في (أسكو) وقد جاء هؤلاء الأعضاء في مؤسسة (أصل ترومن الرابع) ليتعهدوا إتمام بناء الحمام من دون أي مقابل، ومن ثمّ يسلمونه لكم.

فقاطعهم الوالد الماجد وأجابهم بكل حزم: إنني أشكر هؤلاء السادة على مواقفهم، ولكن لا أستطيع أن أوافق على مساعدتهم، فإن غيرتي الإسلامية والإيرانية لا تتحمل أن يقول الناس بعد ذلك أنّ المسلمين لم يستطيعوا بناء حمام بالرغم من تعاونهم حتى جاءَت دولة أجنبية (أمريكا) ومن غير المسلمين فأتمت البناء!.

ثم سكت قليلاً متأملاً، وأضاف بعدها، وبكامل الرفعة والتعفف: نحن مستعدون أن نبقى من دون حمام ولكن لا نقبل بهذا العار أبداً!.

عندها ساد المجلس صمت عميق، وأصاب الذين جاءوا في هذا الموضوع الحيرة والعجب من هذه العفة والترفع من قبل هذا العالم الواقعي.

ثم تحدث أحدهم قائلاً: يا مولانا، نحن لا نريد أية وثيقة أو سند مقابل ما سنقدمه من مساعدة مالية لإتمام بناء الحمام في (أسكو) وإن شئتم، فسنكتم الموضوع حتى النهاية ولن يعرف أحد به أبداً.

وهنا تألّق وجه والدي الجليل النوراني ثم قال بكلمات جازمة: إن كان لديّ مولى عزيز كصاحب العصر والزمان أرواحنا فداه، الذي هو ملجأ لحاجات الكائنات فكيف يحق لي أن أمدّ يدي إلى الآخرين طالباً المساعدة! لذا أرجو التوقف عن الحديث في هذا الموضوع، وعدم إيذائنا أكثر من هذا.

لقد كان موقف الوالد الماجد روحي فداه الشجاع هذا في وقت يعيش فيه هو ومن يحيط به من إخوانه الأوفياء في أقصى درجات الضيق المادي كما هو الحال في البلاد كافة، حيث تعيش في فقر وقحط نتيجة الحرب العالمية الثانية، وكانت قوات الحلفاء المحتلة والغاصبة (الإنكليز، والروس، والأمريكان) تتلاعب بمصير إيران، وكان هناك عدد كبير من هذه المؤسسات كـ (أصل ترومن الرابع) التي في مظهر من مظاهر الذل والاحتقار للآخرين، وكان بعض الناس يستقبلونهم ويمدّون إليهم يد الحاجة، ولا يقصّرون في إظهار أي درجة من درجات الذل في مقابل أولئك الأجانب، وحتى أنهم كانوا يتوسطون الوسائط لتحصيل الأموال من مؤسسة الفساد تلك.

وبحمد الله، أضاف مرجعنا الجليل في هذه المرحلة العصبية من تاريخنا فخراً إلى مفاخرنا ورفع رؤوسنا بين الجميع.

وبعد مدّة سمعت نقلاً عن رؤساء المؤسسة الأجانب أنهم قالوا: إننا لم نرَ طول مدة عملنا، وفي المناطق المختلفة والدول العديدة هكذا عالم دين، وهو يستحق كل تقدير وتقديس.

المصدر: كتاب قرنان من الإجتهاد والمرجعية للمقدس الميرزا عبدالرسول الإحقاقي أعلى الله مقامه الشريف

إعداد: المؤيد